الاثنين، 10 يوليو 2023

الدوحة تدعو "الخماسية" إلى الإجتماع الخميس


قطر والسعودية متضامنتان في رفض تعديل الطائف

 وجهت قطر دعوة الى دول اللجنة الخماسية للاجتماع في الدوحة في 13 الجاري، ما يمثل تطوراً جديداً في مسار الاهتمام العربي والدولي بالاستحقاق الرئاسي في لبنان. وعلى الرغم من أنّ موعد الاجتماع المقترح للخماسية ما زال خاضعاً للتشاور، إلا أنّ مجرد توجيه هذه الدعوة يشير الى أنّ هناك قراراً خارجياً بإبقاء لبنان تحت الأنظار.

وعلمت «نداء الوطن» من مصادر ديبلوماسية أنّ قطر بصفتها عضواً في اللجنة الخماسية التي انطلقت من باريس، أرفقت دعوتها الى دول اللجنة التي تضم أيضاً الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية ومصر، بجدول أعمال مقترح للاجتماع الخميس المقبل. ووفق معلومات هذه المصادر يتضمن الجدول عناوين عامة تتصل بالملف اللبناني. ومن بين الردود الأولى على الدعوة القطرية، ما يشير الى رغبة أحد أطراف اللجنة في إرجاء الموعد من 13 الجاري الى 17 منه. أما ردّ الفعل الفرنسي فلم يظهر حماسة للموعد المقترح، بل أبدت فرنسا رغبة في تأجيل الاجتماع الى أيلول المقبل كي يتسنى للموفد الرئاسي جان إيف لودريان إكمال المساعي التي باشرها في لبنان.

ويترافق الموقف الفرنسي مع معلومات تحدثت عن قرار باريس تعيين لودريان رئيساً للوكالة الفرنسية لتطوير مدينة العلا في المملكة العربية السعودية، وسيتسلم منصبه الجديد في أيلول المقبل، لكنه في منصبه الجديد، سيصبح أكثر قرباً على مستوى العلاقات بين باريس والرياض.

ولفتت المصادر الى رأيين في فرنسا حيال المشاورات حول الاستحقاق الرئاسي: الأول، يحصر المشاورات بالاستحقاق الرئاسي، والثاني، يتوسع ليشمل الرئاسة والحوار والاصلاحات وبرامج العمل.

في المقابل، تؤكد المصادر أنّ السعوديين والقطريين أبلغوا من يعنيهم الأمر أنهم يرفضون أي توسع في الحوار ينعكس تعديلاً في النظام اللبناني القائم على دستور الطائف.

أما الاميركيون، بحسب المصادر، فهم في منزلة ما بين القطريين والفرنسيين، بمعنى أنهم لا يملكون رأياً خاصاً بهم، سوى انهم يتقاطعون مع القطريين في تأييد ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية.

وفي الوقت نفسه، أكد الجانب الفرنسي أن باريس أصبحت خارج اقتراح ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، علماً أنّ إستمرار «الثنائي الشيعي» في تبنّي ترشيح فرنجية يجعل تقاطع الأطراف المعنيين على ترشيح العماد جوزاف عون مسألة تحتاج الى وقت كي يصل الى خواتيمه، ما يعني أنّ الفراغ مرشح لأن يطول، ربما الى نهاية العام الحالي او ما بعده.

وفي سياق متصل بالموقف الفرنسي، تشير المصادر الى أنّ الشهر المقبل، هو شهر إطفاء المحركات والذهاب الى تمضية الاجازات في فرنسا، ما يعني أن معاودة الاتصالات ستبدأ في أيلول أو تشرين الأول المقبلين، وبالتالي ستؤجَّل المشاورات الى ما بعد فصل الصيف.

أمنياً، أعلن الجيش السبت الماضي إحالة 11 موقوفاً في أحداث القرنة السوداء إلى القضاء، 9 منهم من الضنية، وبينهم مطلق النار على هيثم طوق، وذلك بعدما أنهى التحقيقات واستكمل كل عناصرها.

الخميس، 6 يوليو 2023

حقائق سوداء في قرنة بيضاء


 

حقائق سوداء في قرنة بيضاء

كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:

هل هناك من تعمّد إرباك اثنين من أبرز ثلاثة مرشحين لموقع رئاسة الجمهورية اللبنانية بإرتدادات جريمة القرنة السوداء عبر محاولة إطلاق “بيئة فتنة” سنية-مارونية تحرم قضاء الضنية من تحقيق قفزته التاريخية وتحاول إفشال حلمه بإيصال إبنه جهاد أزعور إلى قصر بعبدا، وتشغل قائد الجيش العماد جوزاف عون بلملمة مخلفات القتل من دون أن تتلطخ جهوده بحظر يحول دون الإضاءة على جرائم يسمع الأصم صراخ ضحاياها وتعمى البصائر عن رؤية قتلاها وتخرس الألسن عن النطق بفظائعها.
ويبقى البلد أسير لازمة نفاق تصر على أن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، علماً بأن الفتنة إياها ليست مستيقظة فقط، بل مُمارسة بأبشع صورها مقرونة بأكذوبة تقول أن ما يجري من موبقات ليس من أخلاقنا ولا من مبادئنا، علماً بأنه من صلب ممارساتنا.
جرياً على ما تعودناه وأدمنّاه، لن تُعرف حقيقة من قتل من في القرنة السوداء، ولماذا، ومن المستفيد، تماماً كما لم يعرف من قطع كابل التيليسكي لإنزال الضرر بمصالح أهل بشري على أبواب موسم التزلج في تشرين الثاني الماضي (2022) ولماذا؟ وكيف تم القطع علماً بأن موقع “نيوزفوليو” ذكر أنّ فرق مخابرات الجيش والأدلة الجنائية عاينت مكان التعدي على محطة التلسكي على ارتفاع 2800م عن سطح البحر، ووفق النتائج الأولية للتحقيق تم قطع الكابل عبر إطلاق النار عليه باستخدام “اسلحة متوسطة”! أهم ما في الخبر هو أنه لم يصدر له أي نفي من قبل الجيش اللبناني والأدلة الجنائية التي نسب إليها.
وتردد أن الرصاصة التي قتلت ابن بشري هيثم طوق هي من نفس عيار الذخيرة التي أطلقت على رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لدى محاولة اغتياله عن بعد بإطلاق 3 رصاصات عليه من بندقية قنص عيار 12،7 ملم من مسافة قاربت الـ 600 متر أثناء تجوله في محيط منزله بمعراب في 4 نيسان 2012. وقد عثر في حينها على “وكر القنص” في غابة تشرف على منزل الدكتور جعجع.
وإذا تم تأكيد المعلومة التي تقول أن الرصاصة التي قتلت الضحية هيثم طوق هي من نفس العيار الذي استخدم في محاولة إغتيال الدكتور جعجع، تسقط نظرية إصابة الراحل عن مسافة لا تتجاوز الـ 20 متراً، ويفتح المجال لمقارنة الرصاصة القاتلة بمخلفات الرصاص الذي قطع كابل التيليسكي السنة الماضية لتحديد ما إذا كان من نفس العيار، ما يوحي بأن “مدرسة القتل والقطع” واحدة.

وتردد من ضمن سيل الأنباء التي واكبت جريمة القرنة السوداء أن نائب رئيس بلدية بقاعصفرين أوقفه الجيش من اللحظة الأولى التي تلت الجريمة لأنه يعرف المسلحين الذين يتحركون في المنطقة، فهل يعني ذلك أنه يوجد في الضنية مسلحون من خارج المنطقة، وإذا كان هذا الإستنتاج صحيحاً فمن هم هؤلاء ولمن يتبعون؟
كما تردد أن نائب رئيس بلدية بقاعصفرين أوقف لأن هناك من يزعم بأن اسمه ورد ضمن ملف التحقيق في قضية قطع كابل التيليسكي الذي لم تعلن نتيجته، علماً بأن بقاعصفرين أعلنت الحداد العام تضامناً مع جارتها بشري.
السؤال المقلق هو: هل صحيح أنه يوجد في أعالي جرود الضنية “مزرعة” فيها إسطبلات وخيول وعدد غير قليل من “العمال” وتظهر على سطحها هوائيات تستخدم لالتقاط شبكة إنترنت فضائية، وصحون لاقطة ولديها مولدات كهربائية وخزانات وقود؟ علماً بأنه تتعذر الحياة في جرود الضنية في فصل الشتاء.
الوجود المزعوم لخيول وإسطبلات في جرد الضنية يذكّر بما كان بعض اللبنانيين المشبوهين المطرودين من أستراليا يحاولون بناءه في عقار ببلدة كفرقاهل بالكورة وتم وقفهم وسحب الترخيص منهم من قبل رئيس البلدية العميد المتقاعد نزار عبد القادر بعد فشل عدة محاولات لوقفهم عن مخالفة رخصة البناء الممنوحة لهم وإهانتهم لدوريات قوى الأمن وبعض الرموز الدينية.
وكان العميد عبد القادر قد ذكر في مقابلة تلفزيونية أن ممثلاً لحزب السلاح كان يرافق المشبوهين ويضغط لوقف ملاحقتهم عبر الدوائر الرسمية.

وفي تطور لا يبدو بعيداً عن مسرح القرنة السوداء عرض رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم الثلاثاء “الأوضاع الأمنية وشؤون المؤسسة العسكرية خلال إستقباله قائد الجيش العماد جوزاف عون”. وفق ما صدر عن إعلام عين التينة، ما يطرح جدياً السؤال التالي:
ما الذي طرأ كي يبحث عماد الجيش مع أحد ركني “الثنائي الشيعي” الأوضاع الأمنية وشؤون المؤسسة العسكرية فيما الجيش منهمك بلملمة مخلفات وذيول جريمة القرنة السوداء؟
الإجابات عن سيل التساؤلات غير متوفرة حالياً، وقد تتوفر فقط إذا صدر قرار ظني أو إتهامي عن النيابة العامة، لكن الحقيقة ستعرف من دون إعلان كما هو المتبع.
في الدول المحترمة عندما تصدر المحكمة حكماً في قضية خلافية يقول القاضي بعد تلاوة القرار: “خُدمت العدالة” Justice was served.
في لبنان الحقيقة تُعرف، ولو بعد حين، ولكن هل تُخدم العدالة؟
الجواب متوفر عند أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت، وعند أهالي كل الشهداء الذين قتلتهم تفجيرات الغدر

https://www.thisislebanon.com/topnews/236391/

الأحد، 2 يوليو 2023

(المدن) تعقيدات المباحثات اللبنانية-السورية: عودة اللاجئين غير ممكنة؟

 لبنان غير مهتم بإستعادة مواطنية المخفيين قسراً في معتقلات الأسد-الإتحادية 

جنى دهبي (المدن)

في موعد لم يُحدد بعد، يترقب لبنان زيارة الوفد الحكومي الرسمي إلى سوريا، والتي مهد لها قبل نحو أسبوع وزير المهجرين عصام شرف الدين، حيث التقى وزير الداخلية السوري محمد الرحمون ومسؤولين سوريين آخرين في دمشق، تحت عنوان: "تعزيز التعاون لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم".

 

ووسط هذه الخطوات العملانية بملف اللاجئين، التي يسعى لبنان الرسمي إلى تكريسها أمرًا واقعًا أمام الرأي العام المحلي والدولي، يذهب متابعو تفاصيل وخبايا المباحثات إلى السؤال: لماذا خطة لبنان غير قابلة للتطبيق؟

 

بين الطوعية والترحيل

عمليًا، يترقب لبنان تحريك عجلة خطة إعادة اللاجئين، بعدما كلفت حكومة تصريف الأعمال وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، بمهمة التواصل مع الجهات المعنية بسوريا، وهو سيحدد موعدًا لزيارة الوفد الوزاري الرسمي إلى دمشق، وسيتألف من ستة وزراء مع مندوبين عن مديرية الأمن العام ومجلس الدفاع الأعلى (راجع المدن)

 

وفي العناوين العريضة لزيارة شرف الدين التمهيدية، حمل مطلب تشكيل لجنة ثلاثية بين لبنان وسوريا والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان (UNHCR). وتناول مسائل مكتومي القيد السوريين وحديثي الولادة وخدمة العلم العسكرية، وملف المساجين السوريين، مع طرح فكرة نقلهم إلى سوريا لاستكمال محكوميتهم هناك.

 

وسبق أن تحدث شرف الدين عن موافقة الجانب السوري على إعادة 180 ألف لاجئ كل دفعة، وتحدث عن توفير 480 مركز إيواء لهم، من دون إعطاء تفاصيل حولها. علمًا أن معلومات "المدن" تشير إلى أن مراكز الإيواء هذه، هي عبارة عن مدارس ومراكز عامة، وهي تاليًا غير قابلة لتكون مكانًا مؤقتًا أو مستدامًا للعودة، وسبق أن اختبر سوريون مرارة الاحتماء بها.

 

في آخر دراسة أجرتها المفوضية في مصر ولبنان والأردن والعراق، بين كانون الثاني وشباط 2023، حول نوايا اللاجئين السوريين وتصورات العودة لديهم، بدا لافتًا أن السبب الأول الذي يتصدر عدم رغبتهم بالعودة حاليًا، هو العامل الاقتصادي أو "سبل كسب العيش"، يليه القلق من الوضع الأمني وسلامة العائدين. والسؤال الجوهري لدى هؤلاء: كيف سنعيش وماذا سنعمل؟

 

التضليل وواقع العودة

يتحدث مصدر مسؤول غير حكومي واسع الاطلاع، بين لبنان وسوريا، عن كمٍ هائل من العمل مطلوب ميدانيًا في سوريا، تحتاج لمسار سنوات. علمًا أنه لم يجر البدء بها، وفي طليعتها عملية إعادة الإعمار، قبل أن تصبح سوريا بلدًا قادرًا على استقبال ملايين اللاجئين في البلدان الخمسة المجاورة.

 

داخليًا، عاد مئات الآلاف من النازحين السوريين إلى مناطقهم، من الشمال الشرقي إلى دير الزور مثلًا، أو من دمشق إلى اللاذقية، أو من الجنوب إلى الوسط. حتى مخيم الركبان القابع على الحدود السورية الأردنية، عاد منه حوالى 25 ألفاً عادوا تباعًا نحو الشمال السوري.

 

وهو ما يجعل حركة العودة الداخلية أوسع، قياسًا لعودة اللاجئين من الخارج، علمًا أن معدلاتها ضئيلة في بلد يسعى نظامه إلى الترويج لمعادلة: الحرب انتهت، سوريا آمنة، ولم يبق سوى رفع العقوبات الأممية والشروع بعملية إعادة الأعمار.

 

وحسب معلومات ميدانية لـ"المدن"، فإن النظام السوري يعيد تنشيط "عمليات التسوية" للعائدين من نازحين ولاجئين، عبر لجان أمنية بالمناطق تمثل مختلف فروع الأمن، وتشمل مطلوبين بقضايا "أمن الدولة"، وبقضايا جنائية، إضافة إلى المنشقين عن الجيش، والمتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، وحملة السلاح ومن انتموا لتنظيمات مسلحة؛ مع تسجيل الولادات وإصدار الوثائق وكل هو مرتبط بالأحوال الشخصية للعائدين.

 

وتذهب مختلف التقديرات بأنه لا يوجد أي رغبة أو توجه لدى النظام لإلغاء الخدمة العسكرية، وفي أحسن حال سيتم تأجيلها ستة أشهر للعائدين المتخلفين عنها.

 

لكن، هل تعني التسويات المحدودة والتي لا تخضع لرقابة أممية أن سبل العودة أصبحت ممكنة؟

هنا، لا بد من الركون إلى المطلب اللبناني الرسمي، لجهة تشكيل لجنة ثلاثية مؤلفة من ممثلين عن الجانبين اللبناني والسوري إضافة إلى المفوضية الأممية.

 

لكن المفوضية، ترفض الانخراط في هكذا لجنة، وإن لم تعلن صراحة ذلك، طالما أن العودة لا تحظى برعاية أممية لوجستيًا وماديًا وقانونيًا وأمنيًا، ما يجعل مسألة تشكيل لجنة ثلاثية أكثر تعقيدًا.

 

والمفوضية التي ترتبط علاقتها بالنظام على المستويين الإنساني والسياسي، فإن مسار الأخير (السياسي) شبه ميت، وهو محصور بالمبعوث الخاص، خصوصًا أن عناوينه عالقة عند مباحثات اللجنة الدستورية والتسوية السياسية ومشاركة المعارضة في النظام..

 

وبالعودة إلى مؤتمر بروكسل الأخير، الذي عكس امتعاضًا غربيًا واضحًا من الانفتاح العربي الواسع على رئيس النظام السوري بشار الأسد ومشاركته بالقمة العربية، قد يتعاطى الأسد مع ذلك على قاعدة: العرب لم يبحثوا معه أي طرح مرتبط بالتسوية السياسية، بل إن مطلب وقف "تصدير الكبتاغون" كان محور المباحثات.

 

وعليه، فإن الأسد ونظامه يتعاملان مع ملف "عودة اللاجئين" كورقة سياسية لإعادة الإعمار ولرفع العقوبات. ويدرك الأسد أن حلفاءه (روسيا وإيران تحديدًا) لن يتمكنوا من مساعدته بالملف بلا المجتمع الدولي. لكن ذلك، لن يمنع الأسد حتمًا من القول: أهلاً وسهلاً بالعائدين (وفق شروطه)، لأن عودتهم تكرس انتهاء الحرب وانتصار النظام بلا أي تسوية سياسية.

 

لبنان-سوريا: المباحثات الناقصة

عمليًا، ثمة نقاش ثنائي وليس ثلاثي بين لبنان وسوريا حول مسار العودة، التي لن تتحقق من دون مساندة المفوضية. فالجانب اللبناني، كأي دولة مضيفة للاجئين، تحتاج لاستشارة منظمات الأمم المتحدة للالتزام بالمعايير الدولية لتنفيذ الخطة، حتى لو كان يتذرع بعدم التوقيع على اتفاقية اللجوء الدولية سنة 1951، مع الإشارة أن كل التمويل الذي يحصل عليه لبنان بملف اللجوء هو غربي، وتحديداً أميركي.

 

ويعتبر خبراء بالقانون، أن المفوضية تقف على جبهة المراقب للمباحثات اللبنانية-السورية، من دون أن تقف عقبة أمامه، وعلى قاعدة أن المفوضية لا يمكن أن تعمل على تسهيل العودة إلى بلد لا يحظى بمستوى عالٍ من الأمان، لما فيه من خرق لالتزامها بالقوانين الدولية، وبظل غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني عن سوريا.

 

وهنا، تطرأ الأسئلة التالية: هل النظام السوري جاهز لمنح المفوضية والأمم المتحدة حق الوصول إلى المعلومات المتعلقة باللاجئين العائدين؟ وهل سيمنحهم حق مراقبة سلامة العائدين؟

 

ورغم التسويات المحدودة التي يجريها النظام، فإن معظم اللاجئين السوريين في لبنان مثلًا يتحدرون من مناطق مدمرة بالكامل. وإلى جانب المخاوف الأمنية واللوجستية، فإن اللاجئين يدركون من أقاربهم بسوريا، أن العقوبات المفروضة عليها، تشكل عائقًا كبيرًا أمام عودتهم واستحالة عيشهم ووصولهم لأبسط الخدمات.

 

مكامن الضعف

وعليه يمكن تلخيص مكامن ضعف المباحثات اللبنانية-السورية بالنقاطة التالية:

 

- الأمم المتحدة ليست جزء منها.

 

- الخطة غير مدعومة لوجستيًا وماديًا من الجهات المانحة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

 

- حلفاء النظام غير قادرين ولا معنيين بتمويل خطط العودة، أو دعم مشاريع واسعة متعلقة بإعادة الإعمار.

 

- احتمال فرض عقوبات غربية وتصعيدها في حال رصد انتهاكات واضحة بملف العودة وعمليات الترحيل، حتى لو حملت عنوان "الترحيل الآمن".

 

- حاجة العودة إلى منظومة قوانين جديدة (أحوال شخصية، سندات ملكية..)

 

- صعوبة استرجاع منازل العائدين، والمشاكل الهائلة بحقوق الملكية، سواء جراء عمليات الاستيلاء على منازل المهجرين، أو لأن مئات آلاف المباني في سوريا غير مرخصة وبلا سندات ملكية.

 

- الجانب اللبناني الرسمي غير مطلع على مختلف التعقيدات. بل يتعاطى مع الملف كمطلب يسعى لتحقيقه بمعزل عن التحديات وخرق القوانين الدولية.

 

لغز الداتا

طوال سنوات الأزمة، كان لافتاً أن لبنان لديه فجوة كبيرة بالأرقام بين الدولة والمفوضية. وفيما سبق أن قدر الأمن العام اللبناني عدد السوريين بمليونين و80 ألف لاجئ، فإن عددهم بحسب تقديرات الحكومة الرسمية هو 1.5 مليون لاجئ سوري، من بينهم 805,326 مسجلين لدى المفوضية.

 

وأمام هذه الفجوة، فإن الدولة اللبنانية لا تملك قدرة على تسجيل اللاجئين، وإلا لماذا تطلب من المفوضية الحصول على الداتا؟

 

والحكومات اللبنانية المتعاقبة لم تسجل اللاجئين بالأساس، ولأسباب سياسية، طلبت وقف تسجيل المفوضية لهم منذ سنة 2015، مما يجعل كل رقم لبناني حول اللاجئين وأعدادهم غير دقيق.

 

وبينما يقول الجانب اللبناني أن المفوضية وعدته بتسليم الداتا الخاصة باللاجئين، وتنتظر كتابًا رسميًا من وزارة الخارجية حول المطلب، تشير معلومات "المدن" إلى أن المفوضية قد لا تعطي الداتا إلا بشروط دقيقة، وأبرزها عقد رسمي موقع بين الطرفين، الدولة والمفوضية، حول آلية استخدام الداتا بما لا يخرق القوانين الدولية.

والسؤال، إذن، هل ستستعمل الدولة اللبنانية الداتا التي تطالب بها لإصدار وثائق للاجئين أم حصرًا في عمليات الترحيل؟

ماضٍ من الإشكالات العقاريّة بين بشرّي وبقاعصفرين... تقصير رسمي تُقابله فوضى على الأرض(النهار)


الإتحادية: أعلى قمم لبنان يمزقها نزاع طائفي

 مع كل موسم صيف، تحدث بعض الإشكالات والتجاوزات المرتبطة بموضوع المياه في القرنة السوداء بين أشخاص من #بشري، ورعاة ومزارعين من #الضنية، ولا سيما من منطقة #بقاعصفرين، من جرّاء التعدّي على مياه البرك التي تتشكل من ذوبان الثلج، والتي يقول أبناء بشري إنها تغذي المياه الجوفية في منطقتهم، وترفدها عبر البواليع بالمزيد من الخير الذي يحول دون الشح في فصل الخريف.

 

 

 

في المقابل، يرى أبناء الضنية في مياه هذه البرك شريان حياة لمزروعاتهم الصيفية في بقاعصفرين وجرد النجاص، وخزاناً طبيعياً لارتواء قطعانهم التي يرسلونها صيفاً إلى الجرود، ويستقدمون الجرافات والحفارات للحفر لمد النباريش وجر المياه من البرك إلى حيث يرغبون، ويعتبرون أن هذه البرك تقع في نطاق الضنية العقاري، ولهم حق الإفادة من مياهها، فيما أهالي بشرّي يعتبرونها في نطاق منطقتهم الجغرافي. وسبب الاختلاف في النظرتين الجغرافيتين يعود إلى كون المساحة في الجرود الشمالية لم تُحسم هويّتها حتى الساعة، ولا تزال "تقريبية"، ولهذا يدّعي كلّ طرف منهما ما يدّعيه.

 

 

 

الخلاف العقاري بين بشري وبقاعصفرين، أو الخلاف على المياه كما يسمّيه البعض، قديم جدّاً ومرّ بمراحل عدّة ومختلفة بين مفاوضات حيناً، ومشاحنات وسخونة أحياناً. وتطوّرت الأمور في كثير من المرّات إلى إطلاق نار واتهامات متبادلة بخرق قوانين الحماية البيئية وتحديداً القرار الرسمي الذي أصدرته وزارة البيئة عام 1998 بتوقيع من الوزير السابق أكرم شهيّب، وفيه صُنّف جبل المكمل – القرنة السوداء من المواقع الطبيعية الخاضعة لحماية وزارة البيئة، ويُمنع القيام بأيّة منشآت أو نشاطات بشرية عليها.

 

 

 

وقد وصلت الأمور في بعض الأحيان إلى إطلاق النيران على القطعان والرعاة وإلى توقيف العمل في إنشاء بركة لتجميع المياه من قبل المشروع الأخضر ووزارة الزراعة في محلة تلة سمارة في القرنة السوداء، لتذهب مياهها لأهل بقاعصفرين.

 

 

 

واتخذ النزاع على جغرافية القرنة في أحيان عدة طابعاً طائفياً حتى غدا كأنه تطييف لأعلى قمم لبنان، ولا سيما بعد أحداث الضنية وفتح الإسلام والحديث عن تدريبات لداعش في المنطقة المحاذية للقرنة من جهة الضنية.

 

 

 

وتجنّباً لتطوّر الخلافات المستمرة فصولاً منذ سنوات، تشكلت لجنة قضائية عقارية من أجل مسح العقارات وتحديد حدود المشاعات بين بشري وبقاعصفرين، ولكن أحوال الدولة المهترئة في السنوات الأخيرة، والظروف الصعبة التي توالت مع انتشار كورونا وحصول الانهيار حالت دون توصُّل اللجنة إلى النتيجة المرجوّة، واستمرت المشاحنات ولكنها لم تصل إلى حدود القتل في السابق.

 

 

 

اليوم، وبعد التطورات التي حصلت أمس السبت ومقتل شابين من بشري، يعوّل الجميع على الدولة، ولكن الانتظار طال ولم يعد الوقت في مصلحة أحد، فالمطلوب الإسراع في إنجاز ترسيم جغرافية القرنة حقناً للدماء ومنعاً للإشكالات المتجدّدة كل عام، وإلّا فليُعلن الجيش القرنة منطقة أمنية أو عسكرية له وحده حق التصرّف بها، إلى حين الفرج.