مصير لبنان في الصراع بين الهلال
الخليجي والهلال الفارسي
محمد سلام
مصير لبنان تحدده نتيجة الصراع بين
هلالين: الهلال الخليجي والهلال الفارسي.
الهلال الخليجي، المعروف رسمياً
باسم "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" يحاصره الهلال الفارسي، أي
الهلال الأخضر الذي يضم العراق وسوريا ولبنان من جهة كما تحاصره نجمة الهلال
الفارسي الحوثية في اليمن من جهة أخرى.
الدول الست التي يتكون منها الهلال
الخليجي - السعودية والكويت وقطر والإمارات والبحرين وعمان – لا تقاتل "دولة إيران
ولا دولة إيران تقاتلها" بل يقاتل بعضها الهلال الفارسي من جهة ونجمته الحوثية في
اليمن من جهة.
هنا لا بد أن نذكّر بأن الهلال
الفارسي تأسست قاعدته الأولى في لبنان عندما دخلته مجموعات حزب الدعوة الإسلامية
العراقي اللاجيء في إيران عام 1980، ونفذت العملية الإنتحارية الأولى في لبنان ضد
السفارة العراقية في 15 كانون الأول عام 1981، ثم تسللت مجموعات الحرس الثوري
الإيراني إلى لبنان من سوريا أثناء الإجتياح الإسرائيلي في تموز عام 1982، وأسست
أول موقع لها في ضاحية الأوزاعي، ومن لبنان توسع الهلال الفارسي ليقضم أراضي العرب.
وبقيت البوابة الشرقية للعالم
العربي، أي الحدود البرية العراقية البالغ طولها 1281 كيلومتراً، مقفلة بوجه إيران
وتمنعها من إكمال نشر هلالها الفارسي حتى سقوط نظام صدام حسين بفعل الغزو الأميركي
في آذار العام 2003 ما شرع الباب أمام نظام الولي الفقيه للتغلغل في الأرض
العربية، وهو ما لم تعترض عليه دول الهلال الخليجي التي أرادت معاقبة صدام حسين
لغزوه الكويت.
بعد سنة من سقوط البوابة الشرقية
للعالم العربي، وتحديداً في كانون الأول عام 2004، أطلق العاهل الأردني الملك عبد
الله الثاني تحذيره الشهير من "الهلال الشيعي" المتكون على الأرض
العربية، وكان أول المحذرين من الخرق الإيراني عبر قوى محلية للحدود المعترف بها
دولياً.
خلاصة المشهد أن العراق، وهو ثاني
دولة عربية إخترقها الهلال الفارسي بعد لبنان، إستضاف مؤخراً مفاوضات غير رسمية
بين الهلال الخليجي ممثلا بالمخابرات السعودية وإيران ممثلة بوفد مخابراتي، في
محاولة لإيجاد تسوية بين "الدولة الإيرانية والهلال الخليجي" ما يطرح
مصير "دول الهلال الفارسي" أي العراق وسوريا ولبنان على بساط البحث.
العراق، بقيادة رئيس الوزراء مصطفى
الكاظمي الذي تؤيده السعودية وبقية دول الهلال الخليجي، تمكن من إحراز تقدم على
طريق حل مشكلة الاحتلال الفارسي للعراق عبر شرعنة ما يسمى بالحشد الشعبي ووضعه،
مالياً ونظرياً، تحت مظلة الدولة العراقية وينتظر التطبيع المأمول للعلاقات
الخليجية-الإيرانية إذا تحقق، لإكمال خريطة إستيعاب بقية الفصائل الفارسية
المنضوية تحت مسمى الحشد الشعبي.
سوريا - الدولة الثانية التي تسرّب
إليها الهلال الفارسي بعد لبنان حتى صار أحد حكامها بعدما كان أحد حلفاء قائدها
حافظ الأسد وبعدما صار العراق أرض فارس - تنتظر قرار رئيس مجلس رؤسائها فلاديمير بوتين،
لتقرر مصيرها الموزع على محاور القوى الخارجية وشراذم "الثورات" السورية
وفصائل الأكراد الموزعي الولاء بين إنفصاليي حزب العمال الكردستاني وحزب البعث
الأسدي غير العربي وغير الإشتراكي.
أما لبنان، وهو موطيء القدم الأولى
للهلال الفارسي الذي إنطلق منه لتهديد العرب والغرب بالتعاون مع إسلاميين مزعومين،
فإنه ينتظر نتيجة مسار التطبيع بين
"الهلال الخليجي والدولة الإيرانية" ليعرف ما إذا كانت إيران ستحقق
حلمها بمقايضة السعوديةعلى قاعدة "نعطيكم نجمة اليمن الحوثية ونأخذ بدر لبنان
بقيادة حاكمه الفعلي حسن نصر الله" ومعاونة القوى التابعة له "من طوائف
متعددة".
الهلال الفارسي، عملياً، هو حلف
الأقليات الجديد الذي يضم أتباع الولي الفقيه وقوى إسلامية ومسيحية، ولكنه يعاني
من فقدان عاموديه الفقريين الأساسيين: إسرائيل التي خرجت منه بعدما صارت مصلحتها
التطبيع مع الأكثريات العربية، والجيش العربي السوري الذي تحولت بقاياه إلى مجرد كوكتيل ميليشيات بعضها تقوده روسيا، بعضها
تقوده تركيا، وبعضها تقوده جمعيات إسلامية متناحرة، وبعضها يوالي فارس وبعضها لا
يعلم إلا الله من يقوده.
الفرع اللبناني من الهلال الفارسي،
أي تحالف الأقليات الجديد، يراهن على أن الهلال الخليجي سيصل إلى قبول المقايضة
التي تقترحها إيران على قاعدة أن السعودية سبقت أن أوكلت أمر لبنان عام 1976 إلى
"حافظ الأقليات" وستكرر المقايضة مع "أبو حافظ الأقليات" ....
بشار.
المصابون بوباء حلف الأقليات،
بقديمه وجديده، ينسون أن معطيات "صلح إبراهيم" وموازين عام 2021 وثروة
المتوسط الغازية لم تكن موجودة عام 1976 ... ومن يعش حتى 4 آب 2021 سيدرك الفرق
بعدما تهاوت مؤخراً آخر سلطات الدولة اللبنانية، السلطة القضائية وسقطت معها
إمكانيات إجتراع حل لبناني للمعضلة اللبنانية، بعد سقوط السلطة السياسية مع إعتذار
الرئيس المكلف تأليف حكومة مهمة مصطفى أديب وموت المبادرة الفرنسية التي إنطلقت
بعد إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020.
التاريخ الحديث يدلّنا إلى ثلاث
مدارس لمكافحة سلطة فاسدة: المدرسة القضائية الإيطالية الممثلة بالقاضي جيوفاني فالكوني
الذي أمضى حياته في مكافحة المافيا والتي تظهر مسرحيات المسخرة الشارعية الأخيرة أننا
لا نملك مثلها، والمدرسة السعودية المتمثلة بسجن الريتز وولي العهد محمد بن سلمان
والمؤكد أننا نفتقر إلى مثله، والمدرسة السودانية التي إعتقلت الفاسدين وصادرت
ثرواتهم وعرضتهم في الشوارع، والواضح أن شعوبنا الفولكلورية لا تشبه الشعب
السوداني في شيء.
تهاوي الدولة الحاصل، وتهاوي المجتمع،
سيؤدي حتما إلى إنفجار الكيان اللبناني وتحوّل ال 10452 كيلومتر مربع إلى مرتع
للعصابات، والإرهاب، والجريمة المنظمة وهو ما يقلق المجتمعين العربي والدولي لأن
الوباء اللبناني ينتشر كالفطر، في محيطه أولا، ومنه إلى العالم أجمع .... ولا لقاح
له ولا علاج سوى الإستئصال أو البتر لمنع الإنتشار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق