الجمعة، 9 يوليو 2021

إعادة تكوين السلطة وفق تطبيقات الطائف هي الحل الوحيد للمعضلة اللبنانية - منيف الخطيب



إعادة تكوين السلطة وفق تطبيقات الطائف هي الحل الوحيد للمعضلة اللبنانية

منيف الخطيب – نائب سابق شارك في مفاوضات الطائف

 

إن تردّي الحالة الاقتصادية التي تسود اليوم حيث الجوع والفقر والغلاء وتفلت سعر صرف الدولار وانهيار العملة الوطنية وفقدان العدالة وانسداد سبل العيش وفلتان الأمن والبطالة ، فضلاً عن تفشي وباء كورونا . كل ذلك لم يسبق له مثيل إلاّ خلال الحرب العالمية الأولى بسبب الحصار الذي فرض على لبنان في حينه وجور جمال باشا السفاح وبطشه . أما اليوم فإن الإنهيار الحاصل على كل الصعد هو النتيجة الحتمية للفساد السياسي ومخالفة القوانين وتجاهل الدستور واستعداء الاشقاء العرب والتنكر لدورهم الذي كان دائما مسانداً للبنان وشعبه ، وتعطيل الحياة السياسية بمفهومها الديموقراطي الصحيح ، حيث لم يبق من النظام الديموقراطي البرلماني إلا الاسم ، وقد حُرم الشعب اللبناني حقه في اختيار ممثليه بحرية خلافاً لنص الدستور الذي يعتبر الشعب مصدر السلطات .

وبذلك لم يستطع لبنان المحافظة على نظامه البرلماني الديموقراطي الحر منذ إقرار اتفاق الطائف ، إذ تم التنكر لهذه الوثيقة وللدستور الذي انبثق منها وعدم الإلتزام بمندرجاته التي حددت الأسس الصحيحة لبناء دولة عصرية ، واستمر العبث بالدستور والقوانين تحت شعارات براقة ، مما سهل للقوى النافذة ان توصل أشخاصاً من المتملقين مقابل ارتهانهم لمصالح ومخططات خارجية على حساب مصلحة الشعب والمصلحة الوطنية والسيادة .

إن السلطة فقدت شرعيتها منذ قيام الحكومة بتعيين أربعين نائباً في تاريخ 7-6-1991 ، ثم توالت المخالفات الدستورية في كل القوانين الانتخابية التي جرت بعد ذلك ، كما ان تشكيل ما يسمى "حكومة وحدة وطنية" كان السبب في إنهاء المفهوم الديموقراطي حيث لا معارضة لسلطة نحكم على هواها بلا رقيب او حسيب وكانها شركة محاصصة تتقاسم النفوذ والمصالح المادية والمعنوية ، كما يقول المثل "القوي بقواه" ، فانهار البلد وافتقر الشعب وجاع بسبب تغييب دور الشعب وتعطيل الدستور والقوانين .

إن النداءات المخلصة للانقاذ التي يطلقها المخلصون وفي الطليعة غبطة البطريرك الراعي هي في محلها وتعبّر عن الواقع المأسوي ، ولا يجوز استمرار هذه الحالة بل يجب العمل بجهد وإخلاص لإنقاذ لبنان وشعبه ووضع حد لهذه المحنة القاتلة. وذلك يتطلب جهداً محلياً وعربياً ودولياً للنهوض بلبنان من جديد ، وهذا لا يتم إلاّ في ظل سلطة جديدة يتم تكوينها على أسس ومبادئ سليمة منبثقة من إرادة الشعب اللبناني ، تبدأ بانتخابات نيابية في ظل قانون انتخاب منسجم مع احكام الدستور بحرية وعدالة بين جميع فئات الشعب وفق ما يأتي :

-الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية ، أي مجلس النواب .

-إعادة النظر في التقسيمات الإدارية انسجاماً مع أحكام الدستور وانشاء محافظات جديدة بدل الاقضية الحالية التي تفوقها عدداً بعد تقسيم الاقضية الكبرى ، اذ تكون المحافظة الجديدة في حجم القضاء او أصغر وهي التي تشكل الدائرة الانتخابية ،لا كما حصل في السابق حيث اعتمدت دوائر متفاوتة الاتساع والحجم وعدد المقاعد كأنها عملية فرز وضم .

-لا يقل عدد المقاعد في الدائرة الواحدة عن اثنين ولا يزيد عن أربعة ويراوح عدد الدوائر ما بين 33 و 36 دائرة وعدد النواب 108 في حال إبقاء عدد المقاعد 128 ويمكن زيادة عدد الدوائر لتبقى منسجمة بعضها مع بعض .


إن المجلس النيابي المنتخب وفق هذه الاحكام الدستورية هو المؤهل لانتاج سلطة دستورية جديدة وفق إرادة الشعب ، تعيد الثقة بالدولة وتحقق العدالة بين الجميع وللجميع وهي خشبة الخلاص الوحيدة . لا بد من الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية والاعلان العالمي لحقوق الانسان وتجسيد هذه المبادئ، في كل الحقوق والمجالات من دون استثناء كما ورد في مقدمة الدستور. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق