الخميس، 28 نوفمبر 2019

"الثورة" لا تشارك، تنتصر أو تنهزم




 "الثورة" لا تشارك، تنتصر أو تنهزم

محمد سلام

"الثورة" بالمطلق إما تنتصر أو تنهزم لكنها لا تساوم ولا تشارك من ثارت عليه لأنها إذا ساومت أو شاركت  ... تنهزم أيضاً.
السلطة الظالمة، بالمطلق، تهزم أي ثورة ضدها إما بالقمع الدموي، أذا تمكنت، أو بإعطاء "وصوليي" الثورة "حصة" من فساد السلطة تمهيداً لتلويثهم التدريجي أو ... القضاء عليهم عندما تسمح الظروف وتتبدل موازين القوى.
قاموس الثورة، بالمطلق، لا يتضمن مفردة "تسوية" وقاموس السلطة الظالمة، بالمطلق، قائم على ثقافة حصص الفساد التي يسميّها "تسوية" كخط دفاع أخير إذا فشلت ثقافة القمع الدموي.
وبالتالي، فإن ما يجري في لبنان –إذا هو ثورة- سيستمر حتى ملاقاة أحد المصيرين، إما بالنصر عبر إسقاط النظام وإعادة هيكلية الدولة بما يتناسب مع مطالب الثوار، أو بالهزيمة عبر قمع السلطة للثورة والثوار وإعادة تكوين الدولة الظالمة بما يضمن سيادة ظلمها بواق تجميلي شكلاً، حلو الحلم مر اليقظة.
... ولكن ما يجري في لبنان، حتى الآن، ليس ثورة، بل هو حلقة من حلقات الإعتراض التصعيدي الذي لم يصل بعد إلى حقبة الثورة، وما زال يفصله عنها حقبة العصيان المدني الشامل، علماً بأن أي مشروع إعتراضي كي يتحول إلى ثورة يمر بالمراحل التالية: الإعتراض الشفهي (بيانات ومواقف ألخ) إضراب، تظاهر، إعتصام، عصيان مدني شامل، ثم يدخل في حقبة الثورة التي يشعل فتيلها إما الثائر الغاضب أو السلطة الظالمة عندما تستشعر الهزيمة.
الإعتراض السلمي حقق خطوة نجاح جديدة مؤخراً عندما رفض وقاوم وحال دون إنزلاقه إلى مسلسل الدم الذي شنته ميليشيات السلطة الظالمة الباحثة من مسلح تشاركه في حرب أهلية تحول دون سقوط فسادها عبر تعزيز ظلمها.
تظاهرات الأمهات، حيث إنطلقت، كشفت عورة ميليشيات السلطة برفضها الإحتكام إلى السلاح والدمار، وكشفت عورة السلطة التي لم تتمكن كشقيقاتها الظالمات الفاسدات في سوريا والعراق وإيران، من توريط القوى النظامية في ذبح الثوار، وعرّت خط التحالف القائم بين أنظمة بيروت ودمشق وبغداد وطهران كما وضعت تحت أشعة الشمس جهاراً نهاراً رفض السلطة للمعنى السياسي الدولي لحكومة تكنوقراط حيادية لا يتمثل فيها، مباشرة أو غير مباشرة، أي فريق من قوى سلطة العهد الذي أوصل البلد في 3 سنوات إلى مستوى من الإنحدار لم يهبط إليه في 40 سنة من التقاتل والتكاذب والسرقة والتزوير والنهب والظلم والتلاعب بتطبيقات القانون.
هل تدخل حالة الإنتفاضة السلمية حلقة العصيان المدني الشامل بمفهومه العلمي الذي يتجاوز مسخريات  شيوعيي ستالين الذي ما زال حياً في عقولهم رغم زوال الإتحاد السوفياتي وسلطويات إسلاميي المرشدين من عبيد السمع والطاعة ووصوليي التحالف مع السلطات الظالمة ومرتزقة الأجهزة المارقة في سلطة شراكة "تكنولصوصية" خبرها البلد في أبشع تجلياتها منذ الانتخابات البلدية في العام 2016 وما بعدها؟؟؟؟
وإذا دخلت الإنتفاضة السلمية حقبة العصيان المدني بما يتجاوز مسخريات الحلاقة أمام المصرف المركزي وإلقاء محاضرات في العفة على الزبائن في فروع المصارف، فمن وما الذي سيشعل فتيل إنفجار الدم قبل أن يجرف نهر الثورة حصون الفساد؟؟؟؟؟؟
الثورة لم تبدأ بعد، وأحد الشرطين الإلزاميين لإنطلاقها هو في تطهير الإنتفاضة من الوصوليين المستعدين لمشاركة السلطة "لقاء حصة بدل أتعاب محاضرات فصيحة في عفة ماريكا المليحة".
أما الشرط الإلزامي الثاني لإنطلاق الثورة فيختصر في رفض من قفز من مركب السلطة المثقوب إغراءات وعروض العودة إليه وتعويمه، إما بالمشاركة المباشرة في قمرة قبطانه أو "بأحد من قبله".



الأحد، 24 نوفمبر 2019

لصوص الثورات




لصوص الثورات

محمد سلام (من الآخر)

متسلقون، مستوزرون، مستنوبون، مستذئبون، مستنومون، ينبتون كالحشائش الضارة على جذور الثورات ما أن تبرعم غصونها ليسرقوا منها رحيق النصر عندما تزهر.
مصيرهم، كما دائماً، إلى يباس عندما تقتلعهم معاول الثورة التي تنظف بساتينها مع إطلالة كل ربيع ... وإلى مزابل التاريخ
*الصورة من غوغل

السبت، 16 نوفمبر 2019

هل تنتصر الثورة في شباط 2020؟؟؟؟




هل تنتصر الثورة في شباط 2020؟؟؟؟

محمد سلام
بما أن عمر "الفساد المتوحش" في لبنان هو 43 سنة، أي منذ إحتلال جيش الأسد للبلد في العام 1976، وبما أن الثورة حققت في شهر إنتصارها الأول عليه بإطاحة الحكومة، فمعني ذلك بعملية حسابية بسيطة على قاعدة النسبية الثلاثية أن شهر الثورة يقاس ب 10 سنوات من عمر نظام الفساد.
في شهرها الأول، بعد "الإطاحة" بحكومة الفساد التي لا يريد رئيسها تكرارها، قدم رعناء النظام الفاسد للثورة شرف الشهادة وشرف التعذيب في الأقبية المظلمة، ما زودها بمزيد من التعاطف الدولي ومزيد من الإصرار على الإستمرار وحذرها من الإستسلام والتراجع كي لا تتهم بخيانة الشهداء والمناضلين، كما كشف للمجتمع الدولي قبح الرعناء في النموذج اللبناني من معتقلات "أبو غريب" العراقية سيئة الصيت
وعشية إنقضاء شهرها الأول، قدم كباررعناء السلطة للثورة رئيس حكومة لا تريده، فأسقطته في عقر داره في ليلة واحدة مع برقية شكر للرعناء على "الدعم".
وبما أن شهر الثورة بعشر سنوات، وعمر الفساد 43 عاماً فإن المقدّر للثورة أن تحقق إنتصارها الكامل على الفساد المتوحش في شباط 2020 إذا لم تساعدها هدايا النظام الأرعن على إسقاط عدوها بسرعة أكبر ... وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه.
الثورة تسقط وتُهزم إذا فاوضت وشاركت وخانت وحتماً تسقط إذا قاتلت. الثورة تنتصر إذا صمدت وقاطعت وجاعت وعرفت كيف تعرض معاناتها وشهامتها ورقيّها على المجتمع الدولي. والأهم، إذا عرفت كيف تطرد الطفيليات المشاركة فيها بهدف الركوب على ظهرها ووراثتها عبر سرقة رداء النظافة منها.
من كان قذراً يوماً لا يتحول نظيفاً أبداً. مياه البحر لا تغسل قذارتهم لأنها تلوثت بفسادهم وكذبهم وخداعهم. وبعضهم أساء إلى الله، والعياذ بالله، إذ نسب نفسه إليه وهو ليس أدنى من وكيل الشيطان ...
الصورة من غوغل*

الأربعاء، 13 نوفمبر 2019

"مؤامرة عسكرة الإنتفاضة لتبرير ذبحها"؟؟؟!!!




"مؤامرة عسكرة الإنتفاضة لتبرير ذبحها"؟؟؟!!!

محمد سلام
 هل تتعرض الإنتفاضة اللبنانية "السلمية" لمؤامرة تهدف إلى "عسكرتها لتبرير ذبحها" كما حصل للمعارضة السورية "السلمية" التي سلحوها ليبرروا لبشار قتلها ببراميله المتفجرة وسلاحه الكيمياوي؟؟؟؟
هل قُتل علاء أبو فخر برصاصة طائشة أثناء محاولة عسكري فتح طريق "لآلية عسكرية" قطعه الحراك أم هل تم "اغتيال" علاء أبو فخر من قبل عنصر في مخابرات الجيش لإستجرار رد شعبي مسلح على الجيش ما يمهد لمؤامرة مزدوجة على الشعب والجيش ليبرر ضرب الإنتفاضة والإطاحة بقائد الجيش؟؟؟
أسئلة، والسؤال حق وواجب. فرضيات، والفرضيات علم تبنى على أساسه الخطط الناجحة إقتصادياً ومالياً، وسياسياً، وعسكرياً في كل دول العالم. ظنون، والظن حق ومحطة في المسار القضائي عموماً، ومن واجب القضاء أن يبت بالظنون والفرضيات بأحكام تكشف الحقائق وتنزل العقاب، على ألا يكون القضاء على شاكلة من "فيه الخصام وهو الخصم والحكم."
هل فشلت حلقات المؤامرة المفترضة في البداوي، وببنين فجربوها في خلده لكن وليد جنبلاط بحكمته وحنكته وشجاعته وخبرته أفشلها وأنقذ لبنان من مصيبة، لو وقعت، لكانت أفدح وأكثر بشاعة مما أصاب لبنان في 16 آذار 1977 يوم اغتال نظام الأسد المعلم الشهيد كمال جنبلاط؟؟؟؟؟
أين كان سينفجر غضب الشويفات لو لم يقتحم وليد جنبلاط نيرانه المشتعلة في الصدور، ولو لم تقتحم حكمة وليد جنبلاط شبكة المؤامرة العنكبوتية التي كانت قادرة، لو إكتمل إرتباط خيوطها، على التضحية بوطن إستعادته صارت مستحيلة؟؟؟؟
"يا بابا" صرخ إبن المرحوم علاء أبو فخر وهو في حضن أمه على الأرض أمام جثمان والده الغارق بدماء الفخر فيما كان القاتل يغادر موقع الحدث وهاتفه بيده ....
بابا مات يا حبيبي وترك لنا فيك الفخر فهو، رحمه الله، من قبل أن تولد ، بل منذ ولد، "أبو فخر" وسيبقى بعدما ارتحل "أبو فخر". هذه حتمية، لا نقاش ولا جدال فيها ولا سؤال يدور حولها. السؤال ليس عن أبو فخر، بل من هو "أبو الغدر" المفترض؟؟؟؟ وهل مات ومات معه الغدر أم سيرثه "إبن غدر"؟؟؟؟
الغدر هو محاولة زرع "جرثومة السلاح" في الحراك السلمي، وأدوات الغدر هم الخبثاء الذين يريدون أن يكون السلاح أدات فخر مسموم.
هم نفسهم الذين قتلوا معروف سعد، نائب صيدا السابق ورئيس بلديتها وأشعلوا الحرب الأهلية، وهم نفسهم الذين أخرجوا القاتل من صيدا يوم كانوا يزعمون أن السلاح شرف وكرامة.
يوم كانوا يقولون إن السلاح شرف، نحن شرفّنا السلاح كأداة نضال ولم تشرفنا بندقية القتل.
عندما كان السلاح زينه الرجال، نحن زينا السلاح يا ولدي يا أبو فخر الصغير، بأخلاقنا ونضالنا، ولم تزيننا بندقية قتل خسيس رخيص.
ويوم صارت البندقية تزين اللصوص والعملاء والخونة والخبثاء، دفناها، وسنبقى ندفنها في الحفر النتنة التي خرج منها الأنذال والسفلة واللصوص والعملاء والخبثاء.
عدو الإنتفاضة هو من يهديها بندقية أو من يجرها إلى مقبرة البندقية، فلا تقعوا في فخه بل أدفنوه حيث هزم المهاتما غادندي إمبراطورية بريطانيا العظمى التي لا تغيب الشمس عن أراضيها بمظاهرة سلمية سلمية سلمية جابت الهند من دون بندقية فإنتصرت دماء آباء الفخر على ثعابين الغدر.  
سلمية، سلمية، سلمية. البندقية رميناها وستبقى مرمية في مقبرة ثعابين العمالة والمؤامرة واللصوصية.


  

الاثنين، 11 نوفمبر 2019

حوار سياسي بين بيارتة ... بالبيروتي




حوار سياسي بين بيارتة ... بالبيروتي

محمد سلام

بعد غياب صيفي عن بيروتي قارب الأشهر الستة، زرت شوارع الطريق الجديدة مستطلعاً أحوال البلاد والعباد، ومتلهفاً لحِكمِ الشارع الذي، في قاموسي، ما بعده حكيم إذا أجدت الإنصات إليه.
"ولك ويناك؟ خربت البليد وإنتى ما هان،" بهذا العتاب المحب إستقبلني صديقي عبد السميع اللميع فاتحاً ذراعية، معانقاً، عند بسطة بائع المناقيش. وعاجلني بسؤال مع ضحكة: "طروقت أو بطروقتي منقوشي"...
وأضاف: "لعب الدولار، الله لا يوفق البنوكي والصرافين، بس المنقوشي هان بعدها ب 500. يعني ب 1000 بتطعميني تطويقة بتحرز". لم يكن ينتظر جواباً. طلب منقوشتين من المعلم أبو صطيف "مع خضرة وكبيس، واحدة بورقة وواحدة بكيس. فهمت ولا."
ناوله أبو صطيف الطلبية، منقوشة بورقة ومنقوشة بكيس، وقال لي عبد السمع: "راجعلك، ثواني، ما تضيع. خليك هان. بدي إحكي معك سياسة." وأسرع الخطى.
وعندما رجع من مهمته المستعجله سأله أبو صطيف: "قديش ناولتك الحجة، ألف أو ألفين؟؟" ضحك عبد السميع وبدل الإجابة عن سؤال أبو صطيف سألني: "لوين بعدين من هان؟؟؟"
إعتقدت أنه يسأل عن التطورات المحتملة للصراع بين الحراك والطبقة الحاكمة، لكنه عاجلني بسؤال إستلحاقي: "ليش عم يستهدفو السنىىىىىىىىىىىىى؟؟؟ يعني مكتوب علينى نحنى نكون مدعوسين؟؟؟"
سألته: مين عم يستهدف السنى، وكيف عم يستهدفهم يا عبد السميع؟"""
"هيدا عان وجماعتة ما بيطلع معهن حرامي إلا سنىىىىىىىىى،" أجاب. للتذكير (عان يعني عون بالبيروتي)
"حرامي سنىىىىىىىىىىىىى؟" سألت بتعجب. "ولك هيدي تهمة كبيرة يا عبد السميع. ليش عنا حرامية سنىىىىىىىىىىىىى"؟؟؟
لم يعجبه السؤال فرد بعصبية "عم تهبلها عليييي. يعني إنتى بتأيد إتهام السنىىىىىىى كل ما دق الكوز بالجرة"؟؟
شرحت له أني غير معني بالدفاع عن أي متهم بالفسلد من أي طائفة كان. القضاء هو الذي يفصل بين البريئ والمذنب، ولكني سألت عبد السميع: "طيب ليش المتهمين السنى ما بيقدموا مستنداتهم للقضاء وبيتهموا يللي عم يتهمهم؟"""
غادرني عبد السميع منزعجا من كلامي إلى درجة أنه لم يطلب لا منقوشة ولا "يللي بيطلع من خاطرك لحرمة مستورة" كالعادة.
توجهت إلى مرصدي الاجتماعي المعيشي وسألت الصيدلاني الفطن: "شو وضع الناس؟"""
بدل أن ينظرفي وجهي فتح علبة دواء للسكري تحتوي على 28 حبة دواء موزعة على شرائح (ساشيه) وقال "صرنا عم نبيعهم بالحبة."
وأضاف: "وضحت الصورة أو بدك شرح بعد؟"
غادرته من دون تعليق، ولا أذكر إن كنت قد ودعته. كان جوابه صاعقاً، كافياً، وافياً، مؤلماً لشرح الوضع في منطقة شعبية مكتظة.
أكملت طريقي على غير هدى، فعلاً على غير هدى، لم أحدث نفسي حتى، أيقظني من ألمي صوت الصديق العتيق الذي يملك محل صرافة: "مرحبا أخ أبو عبد. عرفت آخر خبر؟"
وبدأت أردد الأحداث المتسارعة، وهو يقولا لا، كلا، ما حزرت، وأنا أسرد وهو يكرر رسوبي في
إمتحانه إلى أن ضجت فسألت "شو آخر خبر؟؟
قال: صدر بيان رسمي في بيكين عن تعيين الرفيق حسن نصر الله أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني."
سألته مازحاً "ليش"؟؟؟ شو مبرر هذا التطور الخطير؟؟"
أجاب: "كلف بقيادة حرب فيتنام-النسخة الإيرانية ضد أميركا من لبنان وسوريا والعراق".  
قلت "فعلاً تطور خطير" وسألت "هل هتفوا له بالصيني (لبيك نصر الله)"؟؟؟
سألني قبل أن يغادر: "ما هي ترجمة لبيك نصر الله إلى اللغة الصينية؟؟؟"
أجبت: "سأسأل المجمع اللغوي العربي، ربما يجيدون الترجمة إلى الصينية. باي صديقي بالعربية، يعني وداعاً بالإنكليزية."
  

الاثنين، 4 نوفمبر 2019

"جمهورية" 3 ملوك، 5 شعوب، 4 أعلام




"جمهورية" 3 ملوك، 5 شعوب، 4 أعلام  ... وعملتين

محمد سلام

نظرة معمّقة في المشهد اللبناني تكشف عجائب ما قبلها  أعاجيب وما بعدها عجب. "جمهورية" يحكمها 3 "ملوك" مكونة من 5 شعوب ولها 4 أعلام ... وعملتين!!!!!
والصراع قائم بين هذا المتناقضات كلها، إضافة إلى بدع التعامل، أو التلاعب، ببنود الدستور، خصوصاً لجهة تقديم تشكيل الحكومة على تكليف شخص بتأليفها وتوزيع حقائبها ... ورئاستها.
الملوك الثلاثة لكل منهم شعبه ولهم أعلامهم أيضاً التي هي أعلام شعوبهم.، فهذا علمه برتقالي، والثاني أخضر والثالث أزرق. الشعب الرابع علمه أصفر ولكن لا ملك أو رئيس له، بل مجرد وكيل برتبة حاكم عسكري لقوة إحتلال يحكم بموجب وكالة من أصيل يدير لبنان من طهران برتبة فخامة ... الولي الفقيه.
أما الشعب الخامس المحتشد في ساحات الإنتفاضة السلمية الراقية منذ 17 تشرين الأول الماضي، فلا ملك أو رئيس أو قائد له، ونظرا لعدم وجود ملك له علمه، إستعار الشعب الخامس علماً عمره 76 سنة، ولد  مع حلم جميل إسمه الجمهورية اللبنانية التي ما لبثت أن فارقت الحياة وورثها من سلف ذكرهم ولم يبق منها إلا علمها، الذي إستعادته الساحات مع الحلم الذي مات علها تنجح في إستعادة دولة متناسقة مستقلّة غير محتلة، شفافة غير فاسدة.
شعوب الملوك الثلاثة إضافة إلى شعب الحاكم العسكري لا تشارك في الإنتفاضة، كونها غير معنية بها، بل تعاديها، لأنها تعتاش على مكتسبات ملوكها الذين يوزعون عليها بعضاً مما عند كل منهم من "كعكة" الوطن. وهم يعادون الشعب الخامس، شعب الساحات المنتفض، لأنهم يعتبرون (عن صواب) أنه سيسلب منهم موارد أرزقهم الواردة إليهم من ملوكهم.
الشعب الخامس، شعب الساحات، هو الذي لم يستفد أساساً من عائدات الملوك والحاكم العسكري، لذلك هو في الساحات، مطالباً بحصة حصرية من ثروات الوطن تعطى لدولة يحكمها واحد تتولى مهمة توزيع النعمة بالحق على شعبها، كله، يعني كله، بصفته حقاً واجباً على الدولة لشعبها ... لا مكرمة أو رشوة أو صدقة من ملك أو حاكم أو ولي.
شعب الإنتفاضة حقق مكاسب كبرى في أسبوعي الإعتراض السلمي. حقق إعترافاً عالميا بأنه ظاهرة حضارية سلمية راقية، حقق إعترافاً عالمياً بحقه في مطالبه، حقق "تجسيد" عدوه ما كشف عري هذا العدو  وملوكه وفقيهه أمام العالم أجمع.
الإنتفاضة حققت هدفها، وإنتقلت الآن إلى المرحلة الثانية من نضالها، مرحلة الإعتصام المدني السلمي أو العصيان المدني "الجالس" أي (peaceful sit-in) بهدف البقاء حتى تحقيق مكسب إضافي عما تحقق في المرحلة الأولى من الحراك، أو الإنتقال لاحقاً إلى المرحلة الثالثة ... أي "الثورة".
فهل يلتقط "الملوك" الحكمة ويسعون إلى محاولة إرضاء العصيان قبل أن يقفز الوضع إلى "الثورة" التي لا رجوع منها إلا بإسقاط النظام وملوكه أو إسقاط الشعب وعلمه وإنتصار الملوك وشعوبهم وأعلامهم؟؟؟؟
أما مصير العملتين الوطنيتين -الدولار والليرة- فيقرره النهر الثائر الذي تفجّر من النبع العراقي لدى وصول مياهه إلى المصب الهادر في ... لبنان بعدما يكمل النهر مساره في مجراه "الترامبوتيني" عبر سوريا ... والباقي ... "فرق عملة"