"الثورة" لا تشارك، تنتصر أو تنهزم
محمد سلام
"الثورة" بالمطلق إما
تنتصر أو تنهزم لكنها لا تساوم ولا تشارك من ثارت عليه لأنها إذا ساومت أو شاركت ... تنهزم أيضاً.
السلطة الظالمة، بالمطلق، تهزم أي
ثورة ضدها إما بالقمع الدموي، أذا تمكنت، أو بإعطاء "وصوليي" الثورة
"حصة" من فساد السلطة تمهيداً لتلويثهم التدريجي أو ... القضاء عليهم
عندما تسمح الظروف وتتبدل موازين القوى.
قاموس الثورة، بالمطلق، لا يتضمن
مفردة "تسوية" وقاموس السلطة الظالمة، بالمطلق، قائم على ثقافة حصص الفساد
التي يسميّها "تسوية" كخط دفاع أخير إذا فشلت ثقافة القمع الدموي.
وبالتالي، فإن ما يجري في لبنان –إذا
هو ثورة- سيستمر حتى ملاقاة أحد المصيرين، إما بالنصر عبر إسقاط النظام وإعادة
هيكلية الدولة بما يتناسب مع مطالب الثوار، أو بالهزيمة عبر قمع السلطة للثورة
والثوار وإعادة تكوين الدولة الظالمة بما يضمن سيادة ظلمها بواق تجميلي شكلاً، حلو
الحلم مر اليقظة.
... ولكن ما يجري في لبنان، حتى
الآن، ليس ثورة، بل هو حلقة من حلقات الإعتراض التصعيدي الذي لم يصل بعد إلى حقبة
الثورة، وما زال يفصله عنها حقبة العصيان المدني الشامل، علماً بأن أي مشروع
إعتراضي كي يتحول إلى ثورة يمر بالمراحل التالية: الإعتراض الشفهي (بيانات ومواقف
ألخ) إضراب، تظاهر، إعتصام، عصيان مدني شامل، ثم يدخل في حقبة الثورة التي يشعل
فتيلها إما الثائر الغاضب أو السلطة الظالمة عندما تستشعر الهزيمة.
الإعتراض السلمي حقق خطوة نجاح
جديدة مؤخراً عندما رفض وقاوم وحال دون إنزلاقه إلى مسلسل الدم الذي شنته ميليشيات
السلطة الظالمة الباحثة من مسلح تشاركه في حرب أهلية تحول دون سقوط فسادها عبر
تعزيز ظلمها.
تظاهرات الأمهات، حيث إنطلقت، كشفت
عورة ميليشيات السلطة برفضها الإحتكام إلى السلاح والدمار، وكشفت عورة السلطة التي
لم تتمكن كشقيقاتها الظالمات الفاسدات في سوريا والعراق وإيران، من توريط القوى
النظامية في ذبح الثوار، وعرّت خط التحالف القائم بين أنظمة بيروت ودمشق وبغداد وطهران
كما وضعت تحت أشعة الشمس جهاراً نهاراً رفض السلطة للمعنى السياسي الدولي لحكومة
تكنوقراط حيادية لا يتمثل فيها، مباشرة أو غير مباشرة، أي فريق من قوى سلطة العهد
الذي أوصل البلد في 3 سنوات إلى مستوى من الإنحدار لم يهبط إليه في 40 سنة من
التقاتل والتكاذب والسرقة والتزوير والنهب والظلم والتلاعب بتطبيقات القانون.
هل تدخل حالة الإنتفاضة السلمية
حلقة العصيان المدني الشامل بمفهومه العلمي الذي يتجاوز مسخريات شيوعيي ستالين الذي ما زال حياً في عقولهم رغم زوال
الإتحاد السوفياتي وسلطويات إسلاميي المرشدين من عبيد السمع والطاعة ووصوليي
التحالف مع السلطات الظالمة ومرتزقة الأجهزة المارقة في سلطة شراكة "تكنولصوصية"
خبرها البلد في أبشع تجلياتها منذ الانتخابات البلدية في العام 2016 وما بعدها؟؟؟؟
وإذا دخلت الإنتفاضة السلمية حقبة
العصيان المدني بما يتجاوز مسخريات الحلاقة أمام المصرف المركزي وإلقاء محاضرات في
العفة على الزبائن في فروع المصارف، فمن وما الذي سيشعل فتيل إنفجار الدم قبل أن
يجرف نهر الثورة حصون الفساد؟؟؟؟؟؟
الثورة لم تبدأ بعد، وأحد الشرطين
الإلزاميين لإنطلاقها هو في تطهير الإنتفاضة من الوصوليين المستعدين لمشاركة
السلطة "لقاء حصة بدل أتعاب محاضرات فصيحة في عفة ماريكا المليحة".
أما الشرط الإلزامي الثاني لإنطلاق
الثورة فيختصر في رفض من قفز من مركب السلطة المثقوب إغراءات وعروض العودة إليه
وتعويمه، إما بالمشاركة المباشرة في قمرة قبطانه أو "بأحد من قبله".

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق