وباء إضافي "حمّى المقصورة"
يضرب المدن
محمد سلام
يواكب حالات الإنعزال المنزلي التي يفرضها إجراء منع تفشي فيروس كورونا، وباء آخر، يتفشى حصراً ضمن المنازل، وفي المدن تحديداً إسمه "حمى المقصورة" أو Cabin fever بالإنكليزية وهو الحالة العصبية التي تصيب مجموعة من الناس فرض عليها البقاء في مساحة ضيقة على مدار الساعة، ما يؤدي إلى توترات ونزاعات ضمن المجموعة أو ما يعرف باللغة المحكية ب "النقار".
المثل الشعبي يحذر من أن "النقار بيخرب الديار" وهذا فعلا صحيح ... وخطير، بل شديد الخطورة وله تداعيات إجتماعية وعائلية سلبية جداً.
سمعت بال Cabin fever للمرة الأولى مع إندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975عندما إنتقلت مكاتب وكالة أسوشيتدبرس للأنباء، التي كنت من عداد طاقمها، من مكتبها في شارع كليمنصو ببيروت والذي كان موقعه بين فندق الهوليداي إن وبرج المر، أي أنه كان في وسط حقل تبادل إطلاق النار بين مقاتلي الكتائب في الفندق ومقاتلي المرابطون في البرج.
إنتقلنا إلى فندق كنغز في الروشة، إستأجرت لنا الوكالة غرفة لقسم التحرير، غرفة لقسم التصوير، وغرفة إقامة لكل مراسل أو مصور، بعدما تم خفض عديد الطاقم إلى أقل من النصف عبر تطبيق برنامج عمل "النوبات".
أتذكر مديرنا نيقولاس لدينغتون وهو يسألني عندما شاهدني في "غرفة" التحرير ليلاً: "why are you here Mohammed?” أجبته "I have nothing else to do" !!!
قال "go to the lobby, talk to people or sit at your room balcony. I don’t want extra headache at the office. I don’t want to settle cabin fever problems”!!!
بحثت في القاموس عن هذه الفيفر ووجدت "حمى المقصورة".
حمى المقصورة بدأت الآن تتفشى في المدن اللبنانية بعد ضرورات الإحتجاز المنزلي "بيتك بيحميك" المواكبة لقرارات التعبئة العامة بغية الحد من إنتشار فيروسات إيرونا وطالونا وكل العالمونا.
بدأت تتسرب التأثيرات ببوستات واتس أب "طريفة"، ولكنها تخفي تحت ظرفها معاناة، ليس أقلها وأبسطها، وأسخفها حوار بصيغة الصراخ عبر الشرفات بين جارتين:
*-"ضبي ولادك. طوشوا سمانا. من صبح صبيحات عم يركضوا وينطنطوا على راسنا وصريخهم واصل للشارع."
**-"وين بروح فيون يا أختي؟؟؟ لا مدرسة، ولا ضهرا ولا عبرا، ولا بسكليتات على الكورنيش، ولا سينما. بعدك جديدة عالكار ما حسيتي بالسخن. بكرا ألله بيرزقك وبتشوفي وجع القلب."
*-"ما مقصرين بلشنا بوجع القلب. حضرتو مسكّر المحل، وقاعد بخلقتي كل النهار على التلفزيون، ونفس معسّل رايح ونفس جايي، ولا بيزور حداً ولا بدو حدا يزورنا منشان ما نمرض. إي حنموت فقع."
وما أهون "النقار" عبر الشرفة أمام "النقار داخل الدار."
كل فرد يريد أن يتواصل مع مجموعته وأصدقائه على قاعدة أن الإنسان كائن إجتماعي. بس إجتماعي عبر الواتس أب؟؟؟؟؟ يتحول إلى كائن إزعاجي لمن لا يتواصل، أو لمن يتواصل مع مجموعة أخرى:
*="روح على اليمين، خليك ورا الصخرة، في واحد عم يقوص من الشباك..."
**=" وينو أخو الشرموطة ما مبين عليي،" يأتي الرد عبر الواتس
*=رميلو قنبلة وأنا بتولى أمرو"
*= "بوم، طقطقطقطق، وطلقة . قتلتو بالقناصة..."
شو بدأت حرب فلسطين بالبيت؟ يا ولاد وطوا صوتكم بدنا نسمع أخبار، يصيح الأب.
وتصرخ الأم بجملة إعتراضية: "ما حدا يتونّق، وكل واحد بدو طبخة شكل. طبخة واحدة للكل، في عندي غسيل."
لا أحد من "الصبيان" يجيب.
الفتاة تسأل: "ما إجت البنت؟ التي تساعد بالعمل المنزلي (بالساعة)"""
الأم: "قلتلها ما تجي، شو بعرفني البيوت يللي عم تفوت عليها مع مين مخالطة. بالناقص وجع راس."
أحد الصبيان يعلّق: "خالطة مخلوطة، عنا مخلوطة، بروح بشتريلكم إذا ما في؟"
الأب: "ما شاء الله، إجتك الهمة هلق. أنضب ووطي صوت الواتس، وما تتوحم كتير. الموجود مناكله ومنحمد الله."
ويضيف الأب بعد "... أخت هالجيل. ألله يقطًع هالمرحلة على خير. قال شو صار الولد إلو حقوق، وشروط، وكل واحد بدو ياكل على زوقوا. رزق الله لمن أمي كانت تطبخ طبخة واحدة وكلنا ناكل منها ... والحمد لله على النعمة."
الشاب يسأل عن الحلاق "بدي علّم دقني."
الأم: "الحلاق مسكّر. ممنوع التجمع بالأماكن المغلقة. يعني يا ذكي كيف بدو يحط وجو بخلقتك ويزبطلك دقنك. حتى لو فاتح ما بخليك تنزل. زبطها بالبيت، متل أبوك. دقنو قد المقشة وبيزبطها هوى."
الأب مزعوجاً: "هلّق صارت مقشة، طول عمرها ما تبلى هل هيبة، هلق صارت الهيبة مقشة؟"
الشاب: "بروح بسحبلكم مصاري من ال ATM؟؟؟"
الأب: "انضب، منهن واقفين بالصف على المكنات متل الإعاشة، والتجمع ممنوع، انضب."
الشاب وقد ضاق صدره بالحجز: "بكل الأحوال بدي أضهر، بدي روح شوف خطيبتي. بحطها بالسيارة ومنشتري سندويشات وكاتو، مناكلهن بالسيارة وبرجع. ما بطوّل."
الأب: "حطوا كمامات والبسوا كفوف."
الشاب مستهزئاً: "كيف مناكل ونحنا حاطين كمامات؟؟.""
الأب يتمتم ثم "الله يحميكون."
وينتهي كوكتيل الحوار "الإفتراضي-الواقعي" والأب يردد: "كم كانت الحروب العسكرية، على صعوبتها، رحيمة وكم وكانت حمى مقصوراتها دافئة وكم كان وقف إطلاق نيرانها رحوماً، وكم هي ظالمة "حمى مقصورة" الوباء.
***حمى المقصورة (بالإنجليزية: Cabin Fever) هو فيلم رعب تم إنتاجه في الولايات المتحدة وصدر سنة 2016 بطولة ماثيو داداريو وجايج جوليغيتلي وهو عبارة عن إعادة صناعة لفيلم يحمل نفس الإسم صدر سنة 2002. تدور أحداث الفيلم حول مجموعة مكونة من خمسة أصدقاء يذهبون خلال دراستهم في الجامعة في عطلة نهاية الأسبوع لقضاء وقت ممتع معًا في سيارتهم المخصصة لتلك الرحلات، وخلال النزهة يتعرضون لهجوم مفاجيء من فيروس آكل للحوم. (ويكيبيديا)
يواكب حالات الإنعزال المنزلي التي يفرضها إجراء منع تفشي فيروس كورونا، وباء آخر، يتفشى حصراً ضمن المنازل، وفي المدن تحديداً إسمه "حمى المقصورة" أو Cabin fever بالإنكليزية وهو الحالة العصبية التي تصيب مجموعة من الناس فرض عليها البقاء في مساحة ضيقة على مدار الساعة، ما يؤدي إلى توترات ونزاعات ضمن المجموعة أو ما يعرف باللغة المحكية ب "النقار".
المثل الشعبي يحذر من أن "النقار بيخرب الديار" وهذا فعلا صحيح ... وخطير، بل شديد الخطورة وله تداعيات إجتماعية وعائلية سلبية جداً.
سمعت بال Cabin fever للمرة الأولى مع إندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975عندما إنتقلت مكاتب وكالة أسوشيتدبرس للأنباء، التي كنت من عداد طاقمها، من مكتبها في شارع كليمنصو ببيروت والذي كان موقعه بين فندق الهوليداي إن وبرج المر، أي أنه كان في وسط حقل تبادل إطلاق النار بين مقاتلي الكتائب في الفندق ومقاتلي المرابطون في البرج.
إنتقلنا إلى فندق كنغز في الروشة، إستأجرت لنا الوكالة غرفة لقسم التحرير، غرفة لقسم التصوير، وغرفة إقامة لكل مراسل أو مصور، بعدما تم خفض عديد الطاقم إلى أقل من النصف عبر تطبيق برنامج عمل "النوبات".
أتذكر مديرنا نيقولاس لدينغتون وهو يسألني عندما شاهدني في "غرفة" التحرير ليلاً: "why are you here Mohammed?” أجبته "I have nothing else to do" !!!
قال "go to the lobby, talk to people or sit at your room balcony. I don’t want extra headache at the office. I don’t want to settle cabin fever problems”!!!
بحثت في القاموس عن هذه الفيفر ووجدت "حمى المقصورة".
حمى المقصورة بدأت الآن تتفشى في المدن اللبنانية بعد ضرورات الإحتجاز المنزلي "بيتك بيحميك" المواكبة لقرارات التعبئة العامة بغية الحد من إنتشار فيروسات إيرونا وطالونا وكل العالمونا.
بدأت تتسرب التأثيرات ببوستات واتس أب "طريفة"، ولكنها تخفي تحت ظرفها معاناة، ليس أقلها وأبسطها، وأسخفها حوار بصيغة الصراخ عبر الشرفات بين جارتين:
*-"ضبي ولادك. طوشوا سمانا. من صبح صبيحات عم يركضوا وينطنطوا على راسنا وصريخهم واصل للشارع."
**-"وين بروح فيون يا أختي؟؟؟ لا مدرسة، ولا ضهرا ولا عبرا، ولا بسكليتات على الكورنيش، ولا سينما. بعدك جديدة عالكار ما حسيتي بالسخن. بكرا ألله بيرزقك وبتشوفي وجع القلب."
*-"ما مقصرين بلشنا بوجع القلب. حضرتو مسكّر المحل، وقاعد بخلقتي كل النهار على التلفزيون، ونفس معسّل رايح ونفس جايي، ولا بيزور حداً ولا بدو حدا يزورنا منشان ما نمرض. إي حنموت فقع."
وما أهون "النقار" عبر الشرفة أمام "النقار داخل الدار."
كل فرد يريد أن يتواصل مع مجموعته وأصدقائه على قاعدة أن الإنسان كائن إجتماعي. بس إجتماعي عبر الواتس أب؟؟؟؟؟ يتحول إلى كائن إزعاجي لمن لا يتواصل، أو لمن يتواصل مع مجموعة أخرى:
*="روح على اليمين، خليك ورا الصخرة، في واحد عم يقوص من الشباك..."
**=" وينو أخو الشرموطة ما مبين عليي،" يأتي الرد عبر الواتس
*=رميلو قنبلة وأنا بتولى أمرو"
*= "بوم، طقطقطقطق، وطلقة . قتلتو بالقناصة..."
شو بدأت حرب فلسطين بالبيت؟ يا ولاد وطوا صوتكم بدنا نسمع أخبار، يصيح الأب.
وتصرخ الأم بجملة إعتراضية: "ما حدا يتونّق، وكل واحد بدو طبخة شكل. طبخة واحدة للكل، في عندي غسيل."
لا أحد من "الصبيان" يجيب.
الفتاة تسأل: "ما إجت البنت؟ التي تساعد بالعمل المنزلي (بالساعة)"""
الأم: "قلتلها ما تجي، شو بعرفني البيوت يللي عم تفوت عليها مع مين مخالطة. بالناقص وجع راس."
أحد الصبيان يعلّق: "خالطة مخلوطة، عنا مخلوطة، بروح بشتريلكم إذا ما في؟"
الأب: "ما شاء الله، إجتك الهمة هلق. أنضب ووطي صوت الواتس، وما تتوحم كتير. الموجود مناكله ومنحمد الله."
ويضيف الأب بعد "... أخت هالجيل. ألله يقطًع هالمرحلة على خير. قال شو صار الولد إلو حقوق، وشروط، وكل واحد بدو ياكل على زوقوا. رزق الله لمن أمي كانت تطبخ طبخة واحدة وكلنا ناكل منها ... والحمد لله على النعمة."
الشاب يسأل عن الحلاق "بدي علّم دقني."
الأم: "الحلاق مسكّر. ممنوع التجمع بالأماكن المغلقة. يعني يا ذكي كيف بدو يحط وجو بخلقتك ويزبطلك دقنك. حتى لو فاتح ما بخليك تنزل. زبطها بالبيت، متل أبوك. دقنو قد المقشة وبيزبطها هوى."
الأب مزعوجاً: "هلّق صارت مقشة، طول عمرها ما تبلى هل هيبة، هلق صارت الهيبة مقشة؟"
الشاب: "بروح بسحبلكم مصاري من ال ATM؟؟؟"
الأب: "انضب، منهن واقفين بالصف على المكنات متل الإعاشة، والتجمع ممنوع، انضب."
الشاب وقد ضاق صدره بالحجز: "بكل الأحوال بدي أضهر، بدي روح شوف خطيبتي. بحطها بالسيارة ومنشتري سندويشات وكاتو، مناكلهن بالسيارة وبرجع. ما بطوّل."
الأب: "حطوا كمامات والبسوا كفوف."
الشاب مستهزئاً: "كيف مناكل ونحنا حاطين كمامات؟؟.""
الأب يتمتم ثم "الله يحميكون."
وينتهي كوكتيل الحوار "الإفتراضي-الواقعي" والأب يردد: "كم كانت الحروب العسكرية، على صعوبتها، رحيمة وكم وكانت حمى مقصوراتها دافئة وكم كان وقف إطلاق نيرانها رحوماً، وكم هي ظالمة "حمى مقصورة" الوباء.
***حمى المقصورة (بالإنجليزية: Cabin Fever) هو فيلم رعب تم إنتاجه في الولايات المتحدة وصدر سنة 2016 بطولة ماثيو داداريو وجايج جوليغيتلي وهو عبارة عن إعادة صناعة لفيلم يحمل نفس الإسم صدر سنة 2002. تدور أحداث الفيلم حول مجموعة مكونة من خمسة أصدقاء يذهبون خلال دراستهم في الجامعة في عطلة نهاية الأسبوع لقضاء وقت ممتع معًا في سيارتهم المخصصة لتلك الرحلات، وخلال النزهة يتعرضون لهجوم مفاجيء من فيروس آكل للحوم. (ويكيبيديا)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق