الثلاثاء، 9 يوليو 2019

سقوط آباء الكل ومصالحات "بزّق ولزّق"



سقوط آباء الكل ومصالحات "بزّق ولزّق"
محمد سلام
تمر العهود الرئاسية اللبنانية عادة بهرم ثلاثي على مدى سنواتها الست. سنتان لضلع النهوض، سنتان لضلع-أوتوستراد إستثمار النهوض. سنتان لضلع الوداع  أو السقوط. وتتم تسمية الضلع الثالث وفق ظروف المغادرة بناء على واحدة من معادلتين: ألله يذكرك بالخير ...أو... ضربة اللي تسد ما ترد.
التسوية التي أنتجت العهد، والمعروفة في أوساط النخب السياسية ومقاهي الطبقة البزنسية بإسم "تسوية نادر-جبران"، لم تعط عهدها ضلع نهوض او حتى ضلع صعود. راهنت على إصعاده أو إنهاضه في إنتخابات ال 2018 النيابية وحكومة "إلى العمل" الموعودة، فلم تفلح، لأن عهدها مثقل أساساً، بأحلام بزنسية تحولت إلى كوابيس سياسية حافلة بسيل جارف من تناقضات عصية على أي تلحيم أو صهر عضوي أو منطقي أو مبدئي، فكان لا بد من إبتداع معادلات غير واقعية توحد الصفات المبتدعة لرموزها، من دون أن توحّد الأهداف السياسية والمبدئية التي تقدمها الرموز للشعوب.
بداية أطلق على فخامة رئيس الجمهوريىة لقب "بي الكل" في سابقة لم تُخلع على أي رئيس، وعزز تمثيل بي الكل بكتلة وزارية لبي الكل إضافة إلى الكتلة الوزارية المنتخبه لكتلة تياره الوطني وحلفائه الإصلاحيين لتكوين مشهد العهد القوي. فصار فخامته أول رئيس للجمهورية يأتي من حزب سياسي ويمنح كتله إضافة إلى كتلة حزبه، ما يطرح تساؤلات إفتراضية في إتجاهات واقعية:
لو كان الدكتور سمير جعجع رئيساً للجمهورية فهل كان منح لقب "حكيم الكل" وحصل على كتلة وزارية لحكيم الكل إضافة إلى الكتلة الوزارية المنتخبة لحزبه، القوات اللبنانية؟؟؟ وهل كان بي الكل الحالي سيقبل بحكيم الكل المفترض؟؟؟
ولو كان معالي الوزير سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، فهل كان سيمنح لقب "خي الكل" ويحصل على كتلة وزارية لخي الكل إضافة إلى الكتلة الوزارية لتيار المردة؟؟؟ وهل كان بي الكل الحالي سيقبل بخي الكل المفترض بغض النظر عن شعار "أوعى خيك"؟؟؟
وبعد بي الكل أعلن دولة الرئيس سعد الحريري أنه "بي السنة" ما يجعل السنة خارج عباءة بي الكل، لأنه لا يمكن أن يكون للشخص الواحد "بيين"،  لكن الحريري لم يطالب بكتلة وزارية لبي السنة إضافة إلى كتلة بي تيار المستقبل... ما يبقي السنة تحت عباءة بي الكل ... إلتزاماً بتسوية العهد القوي...
ثم جاء دور فخامة "وزير الكل" ، جبران باسيل، إلى أن أثبت الشحّار الغربي ومن بعده شمال لبنان أنه بالكاد "وزير البعض"، فهو حتماً ليس وزير الدروز الذين قطعوا له الطريق، ولا وزير المسيحيين الذين قاطعوه، ولا وزير السنّة الذين رفضوه، وعندما وصل إلى زغرتا قاطعه السنة الذين كانوا قد إنتخبوه سنة  2018 وفاز بأصواتهم لأنه صديق بي السنّة.
فسقطت نظرية بي الكل، وثبت أن للبنانيين أكثر من 18 بي، لأنه يوجد لكل طائفة أكثر من بي واحد...
هذا في هالة غلاف "العهد القوي" وسقوط ضلع النهوض، ما إستتبع تضييق ضلع إستثمار النهوض وتحويله من أوتوستراد إلى مجرد "زاروب ممر قدم" يعمل على المحافظة عليه بتسويات ومصالحات موعودة وفق القاعدة المتوارثة "ممنوع تحديد مطلق الرصاصة الأولى" ما يعني أن المصالحة الوهمية حتمية على قاعدة "بزق ولزق"....
فهل ما زالت قاعدة "بزّق ولزّق" سارية أم أنها سقطت أيضاً، لا لأن اللبنانيين أصابهم وعي الحقيقة وأدركوا أهمية الرصاصة الأولى، ولكن لأن "ريقهم نشّف وما بقى فيهم يبزّقوا"؟؟؟؟؟
الجواب سيحمله الضلع الثالث، ضلع "السقوط"، بغض النظر عن مضمون ترنيمة "الوداع".
فهل من يعد نفسه بوراثة الأرض ومن عليها سيستخرج من جوف اللبنانيين الترحّم على عهد "بي الكل" أم سينفذ المجتمع الدولي في لبنان ما بدأ بتنفيذه في سوريا "وكل عنزة تلحق قطيعها"؟؟؟؟؟
الحقيقة الوحيدة الساطعة تقول إن "ما قبل الشحار الغربي ليس كما بعد طرابلس وعكار وزغرتا"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق